![]() |
||
الأبيونيــــــــة
Ebionites
***
من هم الأبيونيون؟ الأبيونية هى حركة قريبة الشبه بالتهويدية من حيث استمساكها بدرجات متفاوتة بالتعاليم الموسوية ، ظهرت هذه الهرطقة في أيام المسيحية الأولى لكنها لم تصبح مذهبا له أتباعه ومريدوه إلا في أيام حكم الإمبراطور تراجان (52 - 117 م). أى أنها إحدى حركات الهرطقة في القرن الأول الميلادي. وهي فئة من اليهود المتنصرين ويمكن إعتبارهم إمتداداً للذين نادوا بضرورة التهود أولا قبل الإنضمام لجماعة المسيحيين.
يتحدث الأبيونيون منذ ظهورهم اللغة الآرامية وبالرغم من أن معظم أتباعهم من اليهود اتخذوا لهم لقب الناصريين فقد اتبعهم عدد من الأمم ( أي من غير اليهود) . وقد يختلط الأمر فى التسمية بين الأبيونيين والناصريين.
أصل التسمية
كلمة "أبيونيون" فى العبرية تعنى "الفقراء" وقد جاءت التسمية من قول الرب يسوع فى التطويبات المعروفة فى الموعظة على الجبل ؛ طوبى للفقراء أو المساكين بالروح : " طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات " (مت 5 : 3 ).
وإعتقد الكثير من المؤرخين أن إسم الأبيونيين جاء من إسم زعيمهم أبيون وقد عاش فى القرن المسيحى الأول بعد خراب مدينة أورشليم , وانه نادى بتعاليم مخالفة لتعليم الكنيسة الأولى , ولكن بعد الدراسة الدقيقة وجد أن الإسم يدل على صفة لا على شخص، وأنه يرجع فى إشتقاقة إلى الكلمة العبرانية ومعناها "فقير" أو "مسكين" وجمعها بالعبرانية أى فقراء أو مساكين . غير أنه من المحتمل أيضاً أن يكون المسيحيون فى الكنيسة الأولى هم الذين أسموهم بهذا الإسم تحقيراً لشأنهم وإستخفافاً بمبادئهم كما يقال أحياناً عن المخطئ والسئ فى مجال التحقير والرثاء أنه "مسكين".
ويقول العلامة أوريجانوس مؤكداً النظرية الأخيرة : " أنهم مساكين .. وقد إشتق إسمهم من فقر أفكارهم لأن أبيون تطلق فى اللغة العبرانية على الفقير" .
يقول يوسابيوس القيصرى فى كتابه تاريخ الكنيسة والذى ترجمه القمص مرقس داود: " أن المسيحيين الأولين أطلقوا على الأبيونيين هذا الإسم المناسب لأنهم كانوا يعتقدون فى المسيح معتقدات فقيرة وحقيرة ووضيعة ". ولهذا أطلق عليهم إسم "ابيونيين" الذى يعبر عن فقرهم فى التفكير، لأن هذا هو الإسم الذى يطلق على الرجل الفقير بين العبرانيين.
عقيدة الأبيونيين - تميزت عقيدتهم بتمسكهم بالتوحيد المجرد، ورفضوا عقيدة التثليث التوحيدى.
- أقاموا الشعائر والفروض الموسوية ، وإعتقدوا بضرورة هذه الشريعة للخلاص وليس فقط الإيمان بالمسيح. فقد آمن الأبيونيون بالمسيح على أنه مجرد نبي عظيم من الأنبياء، لا يعترفون بلاهوته ولا ببنوته لله بل يقولون أنه رجل كسائر الرجال جاءه روح المسيح بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان وفارقه يوم موته على الصليب، تقوم رسالته على التعليم والتبشير دون الفداء والخلاص.
- كما أنهم أنكروا أن يكون بولس رسولا. ويتضح موقف بولس منهم عندما أسماهم "الغلاطيين الأغبياء" (غلاطية 3 : 1) وقد تمنى أن يقطعوا أى يحرموا أى تفصلهم الكنيسة من بين مؤمنيها فقال : يا ليت الذين يقلكونكم يقطعون أيضاً . (غلاطية 5: 12).
- ويقبل الابيونيون انجيل متى وحده ويسمونه "الانجيل حسب العبرانيين" أو إنجيل الأبيونيين أو إنجيل الإثنى عشر رسولا ، وهو انجيل متى الآرامي بصورة مختلفة كما يؤكد ذلك أوسابيوس 340 م الملقب بأبي التاريخ الكنسي، وكما يشهد ابيفانوس 376م أن الناصريين لديهم إنجيل متى في صورة مختلفة في العبرية الآرامية..
- ويقول أبو موسى الحريرى مؤلف كتاب قس ونبى : " يقبل الأبيونيين إنجيل متى وحده ويسمونه " الإنجيل بحسب العبرانيين " وهو نفسه إنجيل متى الأرامى ولكنه ناقص ومحرف ومزيف.
- أما فروضهم فترتكز على الإغتسال الدائم بالماء للتطهير (فيما يشبه الوضوء فى الإسلام) وعلى تحريم الذبائح ، ويشددون على أعمال البر والاهتمام باليتامى والعناية بالفقراء والمساكين ويوصون بإعالة المحتاجين واطعام الجياع وإكرام الضيوف والغرباء وما إلى ذلك.
أماكن تواجدهم
انتشرت الأبيونية في فلسطين والمناطق المجاورة مثل قبرص وآسيا الصغرى حتى وصلت إلى روما .
ويقول الباحث العلامة القبطى "الأنبا إغريغوريوس" أسقف عام الدراسات اللاهوتية الراحل : " وأصبح الأبيونيين جماعة كبيرة العدد إنتشروا أصلاً فى منطقة بيلا بل وفى فلسطين والأقطار المجاورة وإمتدوا أيضاً إلى روما وإلى جميع مراكز الشتات " كتاب علم اللاهوت المقارن – الكلية الإكليريكية اللاهوتية القبطية ص 33".
ويقول "جيروم" الذى عاش فى القرن الرابع إنه وجد في فلسطين مسيحيون يعرفون باسم ناصريين وأبيونيين.
يُعتقد أن عدداً كبيراً من الرهبان الذين عاشوا فى وادى قمران والذين تركوا مخطوطات هامة، كانوا من الأبيونيين. كما يعتقد أنه بعد خراب أورشليم وهدم الهيكل هاجر كثير منهم إلى بلاد الحجاز واندمجوا ببعض القبائل العربية التى إعتنقت مذهبهم، كما يذكر ذلك أبو موسى الحريرى فى كتابه "قس ونبى" ص 21.
وقد أورد المؤرخ الشهير "اليعقوبى" أن اليهودية كانت ديانة قبيلة "غسان" العربية فى الوقت الذى أكد فيه جميع المؤرخين أن غسان أصبحت مسيحية تماماً ولكن ربما تكون قد إنتشرت بها شيعة الأبيونيين Ebionitis وشيعة الناصريين Nazareens وقد كانت من بقايا اليهود الأولين الذين تنصروا وحفظوا أشياء من ناموس موسى، ومن المؤكد أن النصارى هم الذين إنتشروا فى العربية وشاع إطلاق هذا الأسم على الأبيونيين أيضاً ربما لأنهم قدموا من الناصرية.
يُعتقد أن نبى الإسلام محمد كان ينتمى إليهم فى البداية، وأنه قد تزوج من خديجة النصرانية الأبيونية بشريعة الزوجة الواحدة وشهد العقد أشراف مكة وسادتها وكتب العقد ورقة بن نوفل أسقف مكة وكبير الطائفة النصرانية ولم يتزوج محمد زوجة أخرى على خديجة حتى ماتت.
جماعات الأبيونيين
الابيونيين الفريسيين :
يقول الأنبا جريجوريوس في كتابه " علم اللاهوت المقارن" بانهم اتسموا بالتزمت وأنكروا لاهوت المسيح ولم يعترفوا بوجوده الإلهي قبل التجسد ورفضوا أن يعتبروه كلمة الله وحكمته ، كما أنكروا ميلاده المعجزي من العذراء.
وقد حملت جماعة الأبيونيين الفريسيين حملة شعواء على بولس وأنكروا رسوليته بسبب استماتته للحيلولة دون تهويد المسيحية أو احتوائها في إطار الشريعة الموسوية
وعلى الرغم من هرطقة الأبيونيين الفريسيين فقد أدى واحد منهم واسمه "سيماكوس" خدمة جليلة للعالم المسيحي نحو نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث بترجمة العهد القديم إلى اليونانية. وهي ثالث ترجمة ظهرت في تاريخ المسيحية بعد ترجمة كل من "اكويلا" و"ثيوديون" له. ويمتدح العلامة "جيروم" الذي عاش في القرن الرابع الميلادي ترجمة "سيماكوس" اليونانية بمقارنتها بالترجمتين الأخريين.
والجدير بالذكر أن ترجمة سيماكوس تركت أعمق الأثر في "جيروم" أثناء إضطلاعه بترجمة الكتاب المقدس إلى اللاتينية.
الابيونيين المعتدلين :
استمروا حتى أيام القديس أيرنيموس "342- 420م" وهم يؤمنون بأن يسوع هو المسيح المنتظر وينكرون لاهوته وبعترفون بمعجزة ميلاد المسيح من مريم العذراء.
الأبيونية الأسينية :
سميت نسبة إلى إيسين (وهي جماعة سرية ظهرت قبل المسيحية بنحو مئة وخمسين عاما)تميل إلى التأملات الصوفية وإلى الزهد والتقشف.
وهي ترفض الجانب الأكبر من تاريخ اليهودية واعتبرته انحرافا عن صحيح العقيدة الموسوية. ولهذا نبذت الإيمان بالعهد القديم باستثناء الأجزاء الخمسة منه الموحى بها إلى موسى و ينكرون قيامة الموتى.
يرفضون مذهب التثليث (الإيمان بالآب والإبن والروح القدس ) ويؤمنون بنوع من الثنائية تعتمد على وجود قوتين إلهيتين تتمثل إحداهما في مبدأ ذكر هو ابن الله الذي اعتقدوا أنه تجسد في آدم أول الأمر ثم يسوع في آخر الأمر. وتتمثل الأخرى في الروح القدس.
مارست هذه الجماعة الإفخارستيا (التناول – أو كسر الخبز) من الخبز الخالي من الخميرة والماء بدلا من الخمر التي درجت المناولة في المسيحية على استخدامه.
وهي تقسم الأنبياء إلى نوعين :
· أنبياء الحقيقة مثل آدم ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى.
· أنبياء الفهم (وليس الحقيقة) مثل داوود وسليمان وأشعيا وأرميا.
ويقول الأنبا "جريجوريوس " إذا كانت الأبيونية الفريسية قد ورثت تعاليمها من الكنيسة اليهودية فإن الأبيونية الأسينية هي ثمرة الخلط بين المسيحية والمذهب اليهودي الأسيني وبعض المباديء التصوفية الغنوسية والشرقية.
إعداد قسم الدراسات والنشر بالكنيسة الرسولية ببنى مزار |
|
|
![]() |