![]() |
||
اخبار الأيام
مقدمة
***
كان سفر أخبار الأيام جزءً واحداً وتم تقسيمه إلى الجزئين المعروفين بشكلهما الحالى: سفر أخبار الأيام الأول وسفر أخبار الأيام الثانى .
لم تنل نصوص سفري "أخبار الأيام" في حفظها العناية التي لاقتها أسفار أخرى في العهد القديم. ولكن ليس هذا دليلاً على وجود ما يشوب النص فى جزئى السفر، فإن طبيعة التجزئة التي اتسمت بها بعض أقسامه، قد تكون ناجمة عن دقته في النقل عن مصادر مجزأة غير مكتملة، وليست ناجمة عن نص رديء. والاختلافات بين أسفار صموئيل والملوك وسفري أخبار الأيام في الفقرات المنقولة عنها، راجعة في معظمها إلي تنقيح مقصود وليس إلى اختلافات في النصوص .
يفترض بعضهم أن كاتب سفرى الأخبار يريد أن يخلع على كتاباته طابع الثقة فيها بالحرص على الإسناد إلى مصادر أسبق قد لاقت احترام وقدسية بالقدر اللائق بينما يتسرع البعض إلى القول بأن كل كتب أخبار الملوك المذكورة في سفري "أخبار الأيام" هي في حقيقتها سفر واحد وإن الإشارة الي كتابات الأنبياء هي إشارات إلى أقسام ذلك "المِدْرس"، فلم يكن أمام كاتب سفري الأخبار سوى مصدرين إثنين لا غير، هما الأسفار المقدسة، وهذا "المِدْرس" عن تاريخ إسرائيل، وأنه لمن المستحيل الجزم بما إذا كان قد استعان بأي مصادر أخرى.
فى جميع الأحوال فإن سفرى أخبار الأيام يحظيان بتقدير وقدسية يليقان بالنص المقدس والذى نؤمن أنه بأيدى رجال الله القديسين مسوقين من الروح القدس، وأنه ضمن جميع الأسفار المقدسة نافع للتعليم والتقويم والبناء فى البر.
الفصل الأول
تسمية السفر .. ونظرة عامة
***
تسمية سفرى أخبار الأيام
يقع سفرا أخبار الأيام فى الأصل العبرى فى سفر واحد، وتم تقسيمه للتسهيل فى القراءة والدراسة، أوالنسخ والنقل والتداول.
اسم سفر أخبار الأيام في العبرية هو "دبرهاياميم" أي "أحداث الأيام".كما يأتى الإسم فى اللغات الأوربية مشتقاً من اللاتينية "Chronicles" بالمعنى الذى يفيد رصد أحداث زمنية. والاسم اليوناني للسفرين هو "باراليبومينون" (Paraleipomenon) ومعناه "عن أمور أغفل ذكرها"، وتضيف بعض النسخ الي هذا الاسم عبارة أخرى هي:"الخاصة بملوك يهوذا". ولعل هذه هي الصورة الأصلية للاسم، مما يعني أن الذين قاموا بالترجمة اليونانية للعهد القديم، قد اعتبروا سفر أخبار الأيام مكملاً للأسفار التاريخية الأخرى.
وتقول دائرة المعارف الكتابية الصادرة عن دار الثقافة المسيحية أن "جيروم" قد قبل الاسم اليوناني إلا أنه رأى إمكانية التعبير عن الاسم العبري بشكل أفضل باستخدام كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية هى "كرونوس" (Chronos ) أي "الزمن"، فهو يلائم طبيعة السفر التي هي سرد للتاريخ المقدس كله.
ويتكرر اسم سفر أخبار الأيام كثيراً في العهد القديم في العبرية للدلالة على السجلات الرسمية لدولة مادى وفارس (أس 23:2، 1:6، 2:10)، وعلى السجلات العامة سواء الفارسية أو اليهودية المدونة فيما بعد السبي (نح 23:12)، وعلى السجلات العامة لداود الملك (1 أخ 24:27)، إلا أن أكثر استخدامه كانت للدلالة على سجلات ملوك يهوذا وإسرائيل التي ورد ذِكرُها كمصادر للأخبار في سفري الملوك (1مل19:14 ، 7:15) وفي نحو ثلاثين موضعاً آخر "يمكن حصرها باستخدام تقنيات البحث فى نصوص الكتاب المقدس". وليس المقصود بهذه الإشارات سفرا الأخبار المعروفين في الكتاب المقدس الآن، لأن معظم الإشارات تتعلق بأمور لم تُذكر فيهما، ولكنها تحيل القاريء بطريق مباشر أو غير مباشر إلى كتب أخرى تندرج تحت صفة السجلات العامة.
ولا بد أن نضع فى الإعتبار أن إطلاق هذا الاسم على سفري "أخبار الأيام" لم يكن مقصوداً به الدلالة على أنهما نسختان طبق الأصل من السجلات العامة، و لو أن هذا قد يشير الي أن لهما طابعاً رسمياً معيناً يميزهما عن كتب أخرى صدرت في ذلك الوقت أو بعده.
محور السفر
- تاريخ بنى إسرائيل، شعب الله، داود الملك، العبادة الحقيقية، الكهنة.
- الاستعداد لمجيء المسيح.
- سبط يهوذا بعد سبى الأسباط العشرة.
- طلب وجه الرب الملك السماوي.
مفتاح السفر
فإذا تواضع شعبي … وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الرديئة؛ فإني اسمع من السماء واغفر خطيتهم و أبرئ أرضهم (2 أخ 7 : 14)
أهـم الشخصيات
سليمان - ابيام - أسا - يهوشافاط - يوآش – حزقيا
موقع السفر من ترتيب أسفار العهد القديم
يقع سفرا أخبار الأيام في معظم الترجمات - كما في الترجمة العربية- بعد سفري الملوك باعتبارهما تكملة للأخبار التي جاءت في سفري الملوك، ثم يليهما سفرا عزرا ونحميا باعتبارهما استكمالاً لسفري أخبار الأيام. أما في التوراة العبرية، فتوضع أسفار عزرا و نحميا وأخبار الأيام الأول و الثاني في آخر الأسفار.
والرأي العام الذي يتفق عليه معظم أهل البحث و الدرس هو أنهما كانا كتاباً واحداً، أو مجموعة كتب لكاتب واحد أو لمجموعة من الكتَّاب من مدرسة فكرية واحدة. وعليه يمكن استخدام كلمة "المؤرخ" في الإشارة إلى الكاتب أو الكاتبين إن افترض أنهم أكثر من كاتب واحد.
الفصل الثانى
الكاتب وتاريخ كتابة السفر
*** سفرا أخبار الأيام الأول والثاني يقول التقليد اليهودي أن كاتبهما هو عزرا الكاتب أثناء السبي البابلي. ويحتويا على مختصر التاريخ المقدس من الخليقة إلى الرجوع من السبي البابلي سنة 536 ق.م. وكانا يوضعا في نهاية التوراة على إعتبار أنهما يقدما تلخيصاً موضوعياً يسرد التاريخ المقدس لشعب الله.
كان الرأي السائد في أوائل هذا القرن أن "أخبار الأيام" وكل أسفار العهد القديم كانت قد اكتملت في نحو 404 ق. م.، أي في حوالي الوقت الذي اعتلى فيه "ارتحشستا منيمون" (Artaxerxes Mnemon) العرش بعد "داريوس نوثوس" (Nothos). أما الرأي الحديث فيزعم أن سفر "أخبار الأيام" لم يكتمل قبل 250 ق. م. أو بعدها بقليل. ولكن على الأرجح، من خلاصة مجموع الآراء المطروحة، هو أن سفر أخبار الأيام كان قد اكتمل في حياة نحميا وليس بعده، أي ليس بعد 400 ق. م.
ولإثبات ذلك، لا يمكننا تجاهل أن أسفار أخبار الأيام وعزرا ونحميا تعتبر سفراً واحداً أو سلسلة واحدة. والآيات الخاتمة لأخبار الأيام الثاني هي نفسها الآيات التي يستهل بها سفر عزرا. والأرجح أنها لم تكن تكرراً عفوياً غير مقصود. لقد كتب سفرا أخبار الأيام الأول والثاني بعد الأجزاء الأخرى من هذه السلسلة، وليست الآيات الختامية لسفر أخبار الأيام الثاني إلا إشعاراً من المؤرخ لقرائه بأنه قد استكمل التاريخ القديم إلى النقطة التي بدأ منها سفر عزرا.
ونحن لا نعرف شيئاً عن "المجمع العظيم" كهيئة رسمية ورجال المجمع العظيم ونحميا وعملهم في الأسفار المقدسة، إلا أننا نعرف الكثير عن تتابع الرجال من دانيال إلى سمعان البار، الذين أطلق عليهم هذا الإسم كإصطلاح "رجال المجمع العظيم". ولم يقل التقليد القديم إن عزرا هو مؤسس هذا التتابع أو هذه السلسلة، لكنه اعتبره الشخص النموذجي فيها.
وليس هناك تناقض بالضرورة في التقليد لو نَسَبَ - في قسم منه - هذا العمل إلى عزرا، ثم نسبه - في قسم آخر - إلى "رجال المجمع العظيم".
كما أن هناك من يقول بأن التقليد ينسب العمل الكتابي إلى عزرا وليس إلى نحميا رغم إفتقار ذلك إلى الدليل، فقد كان نحميا أحد "رجال المجمع العظيم" البارزين. وقد كان شاباً أثيراً لدى الملك الفارسى[1]، جاء إلى أورشليم في 444 ق. م. ثم رجع إلى الملك ثانية في 433ق. م. وبعد فترة غير معروفة من الزمن، عاد إلى اليهودية.
ومن المُفْتَرَض أنه قد أمضى بقية حياته الطويلة هناك حيث مات بعد 400 ق. م. ببضع سنوات أو ربما بضع عشرات من السنين. الدليل على كاتب السفر وتاريخ كتابته
إن موقع "أخبار الأيام" في نهاية الأسفار المقدسة، له في حد ذاته طابع الشهادة، فإن من وضعوه في هذا الموقع يشهدون بذلك عن اعتقادهم بأنه آخر كتابات العهد القديم. ونحن على علم بشهادة "بابابترا" بأن معظم أسفار العهد القديم المتأخرة تنسب إلى رجال "المجمع العظيم" وإلى عزرا، وأن تحميا قد أكمل "أخبار الأيام". ولا يمكن أن نتجاهل وضع "أخبار الأيام" ضمن الأسفار الاثنين و العشرين التي يقول يوسيفون إنها كتبت قبل موت ارتحشستا لونجيمانوس (Longimanus)، ومن الطبيعي ألا تكون حدود الزمن الذي قصده يوسيفوس هنا، هي موت ارتحشستا بل بالحري فترة حياة من كانوا معاصرين له، مثل نحميا. بالإضافة الى ما يمكن تسميته بمكتبة نحميا[2]. فالوقت الذي كانت تجمع فيه تلك المكتبة، كان هو أرجح الأوقات لاستخدام كاتب "أخبار الأيام" لها. بالإضافة إلى الموجز الموجود في سفر يشوع بن سيراخ "44إلى 49" (وهو من الأسفار الغير قانونية) الذي يُذَكِّر فيه نحميا في نهاية القائمة بأسماء أفاضل رجال العهد القديم.
وهناك دلائل داخلية أيضاً تؤيد الاستنتاج القائل بأن سفر "أخبار الأيام" قد كتب قبل موت نحميا. ولعل الوجود الغزير للكلمات الفارسية و الحقائق الكثيرة عن فارس، مع غياب الكلمات والحقائق اليونانية، هما برهان حاسم على حقيقة أن سفر الأخبار قد استكمِل قبل فتوحات الاسكندر التي أخلت الساحة أمام سيطرة النفوذ اليوناني. وفي بعض الأجزاء يتكلم عزرا ونحميا بصيغة المتكلم (عز 28:7، 1:8و15..الخ، وفي نحميا كثيراً). والسفر كله يعطي الانطباع بأنه قد كتب في ختام الفترة التي يؤرخها. والجدول الأخير في "أخبار الأيام" هو نفسه الذي في نحميا (1أخ 9 مع نح 3:11-22:12-26). وهناك قائمة معينة كتبت في أثناء حكم داريوس (نح 26:12) تسلسلت الى أيام يوحانان رئيس الكهنة (ويسمى يوناثان ويوحنا في مواضع أخرى)، لكنها امتدت إلى يدوع بن يوحنا، وكان عزرا ونحميا ما زالا يخدمان (نح 26:12). ومن الطبيعي أن ترتبط هذه القائمة بموضوع طرد منسي - أخي يدوع - لأنه تزوج من عائلة سنبلط (نح 38:13، و تاريخ يوسيفوس 7:11و8). وينتمي يدوع الي الجيل الخامس من يشوع بن يوصاداق (عز 1:2، 2:3) الذي كان رئيساً للكهنة في 538 ق.م ويقول يوسيفون إن سنبلط أحد وكلاء داريوس. كما يذكر شخصا اسمه "باجواس" قائد أحد جيوش ارتحشستا ممن كانوا على صلة بيوحنا رئيس الكهنة.
الحجة على التاريخ اللاحق: ومع ذلك فإن يوسيفوس يعتبر أن داريوس- الذي يقول إن سنبلط كان أحد وكلائه - هو داريوس آخر الملوك الذين حملوا هذا الاسم، ويقول إن يدوع كان معاصراً للاسكندر الأكبر، وهكذا يرجع بالانقسام السامري إلى ما قبل 331 ق.م. بقليل. ويرفض جميع العلماء هذه الأقوال عندما تستخدم لتحديد تاريخ الانقسام السامري، الا أن بعضهم يرحب بقبولها لاثبات التاريخ المتأخر لآخر أسفار العهد القديم العبرية. وهي حجة بعيدة تماماً عن الصحة، وقد نسفها اكتشاف البرديات الأرمية حديثاً في مصر (في جزيرة الفنتين عند السودان) والتي تثبت أن "باجواس" ويوحانان رئيس الكهنة وأبناء سنبلط كانوا متعاصرين في 407 ق.م. أي في السنة السابعة عشرة من حكم داريوس نوثوس، بل وقبل ذلك بعدة سنوات.
ويعبر دكتور درايفر (Dr. Driver) العالِم اللاهوتى؛ عن رأي شائع فيما يتعلق "بأخبار الأيام"، إذ يقول: "إن المفتاح الإيجابي الوحيد الذي تضمنه السفر بالنسبة لتاريخ كتابته هو سلسلة النسب الموجودة في "أخبار الأيام الأول" (17:3ـ24) والتي تصل في تسلسلها إلى الجيل السادس بعد زربابل، وهذا يذهب بنا إلى ما بعد 350 ق.م. تقريباً. وهو هنا يستند الى تخمين معقول بل وقريب من الحساب المباشر بالأرقام.
ويمكن لأى شخص أن يرجع إلى النص ويقوم بعمل هذا الحساب، فقد ولد "يكينا" في 614ق.م. (2 مل 8:24). وإذا افترضنا أن كلا من هؤلاء الأبناء - في تعاقبهم - قد ولد عندما كان أبوه في الخامسة والعشرين من عمره، لكان معنى ذلك أن من ولد في الجيل السادس لزربابل، ولد في نحو 414 ق.م. وليس في 350 ق.م. وهو أمر ليس بعيد الاحتمال.
ولكن يقترح د.درايفر أننا يجب أن نتبع النسخة اليونانية لا العبرية في قراءة العدد الحادي والعشرين: "وبنو حننيا فلطيا، ويشيعا ابنه، ورفايا ابنه، وأرنان ابنه وعوبديا ابنه، وشكنيا ابنه" (1أخ 21:3). والمعنى هنا غير واضح، فقد يفهم منه أن كل رجل من الرجال الستة المذكورة أسماؤهم بعد "حننيا"، كان ابناً للرجل المذكور قبله (انظر 1أخ 10:3ـ14 أو 1أخ 20:6ـ30و50و53)، أو اعتبار الرجال الستة كلهم أبناء لحننيا (انظر 1أخ 16:3، 20:7و21..الخ).
فإذا اعتبرنا الفرض الأول، يصبح عدد الأجيال بعد زربابل أحد عشر جيلاً، ووجود عدد كبير مثل هذا من الأجيال قبل أوائل القرن الرابع قبل الميلاد أمر بعيد الاحتمال ولو أنه غير مستحيل. إلا أن القول بوجود أحد عشر جيلاً، هو قول ضعيف[3] لأنه يستند إلى تفسير افتراضي مبني على تحوير في النص لم تثبت صحته، وما زال يعوزه الدليل في مواجهة برهان لا يداخله شك.
الفصل الثالث
تقسيم السفر *** أقسام ومحتويات السفر
كان السفران أصلاً (أخبار الأيام الأول والثانى) سفراً واحداً، ويُعتَقَد أنهما كانا سفراً واحداً مع عزرا ونحميا، ولكن حدث تقسيم إلى أخبار الأيام الأول وأخبار الأيام الثاني في الترجمة السبعينية على أساس الحجم و ليس على أساس المحتويات. ثم نهجت الفولجاتا على هذا النهج وتبعها الآخرون. ولم يدخل هذا التقسيم إلى النسخ العبرية إلا فى عام 1448م.
يمكن تقسيم "أخبار الأيام" باعتبار السفر الواحد فى الأصل؛ حسب المضمون الي ثلاثة أقسام، وتستدعى الدراسة هنا الجمع بين جزءى السفر لما لهما من سياق مترابط.
القسم الأول:
تمهيدي يتكون في معظمه من مسائل تتعلق بالأنساب مع ما يصاحبها من حقائق وأحداث (1أخ من1إلى9).
وتبدأ سلسلة الأنساب بآدم (1أخ1:1) وتمتد إلى العصور الأخيرة من العهد القديم (1أخ9 - انظر نحميا11) و الأسماء الأخيرة في سلاسل الأنساب مثل (1أخ 19:3 - 24). والأحداث المذكورة عرضاً في سلسلة الأنساب أوفر عدداً وأعظم أهمية مما يظنه القاريء العادي، فهي تقدر بالعشرات، بعضها تكرار لأجزاء من العهد القديم التي نقل عنها المؤرخ. مثال ذلك العبارات التي تذكر أن "نمرود" كان جباراً، أو أن الأرض قسمت في أيام فالج، أو التفاصيل الخاصة بملوك أدوم (1أخ 1: 10و19و43-54، انظر تك 8:10و25و 31:36-39). والبعض الآخر أحدث نقلها المؤرخ عن مصادر أخرى غير أسفار العهد القديم، مثال ذلك: قصة "يعبيص" وتفاصيل غزوات بني شمعون لآل حام والمعونيين وبقية المنفلتين من عماليق (1أخ 9:4و10و38-43).
القسم الثاني:
يشمل إعتلاء داود العرش وفترة حكمه (1أخ10إلى29).
وينقسم وصف "أخبار الأيام الأول" لحكم داود الي ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول (1أخ10الى21) وهو يعطينا فكرة عامة عن موت شاول وتتويج داود على الاثنى عشر سبطاً، وأصحاب داود وحروبه، واحضار تابوت العهد الي أورشليم، وعهد اللـه العظيم لداود، والوباء الذي أدى الي شراء بيدر أرنان اليبوسي.
الجزء الثاني (1أخ 22-22:29) فيقتصر على حدث واحد معين مع المقدمات المختصة به، وهو تنصيب سليمان ملكاً في اجتماع عام عظيم (1أخ 1:23، 1:28-10) ويتضمن الاستعدادات لتنصيبه، والترتيبات الخاصة بموقع الهيكل المزمع بناؤه والعمال والمواد اللازمة لذلك، إلى جانب تنظيم اللاويين والكهنة والمغنيين والبوابين والرؤساء لخدمة الهيكل والمملكة.
الجزء الثالث (1أخ22:29ـ30) فهو وصف موجز لتنصيب سليمان ملكاً مرة ثانية (انظر 1مل1) مع موجز وإشارات الي حكم داود.
القسم الثالث:
وصف لأحداث جرت في أيام حكم أسرة داود من بعده
(وهو ما يستغرق سفر أخبار الأيام الثاني).
![]() جانب من الهيكل كما تم وضع نموذج تصورى لبنائه ( عن دائرة المعارف الكتابية ) محتويات سفر أخبار الأيام الثانى
1. صلاة سليمان واستجابة الله(ص1:1-13).
2. قوة سليمان وغناه فيما بعد (ص1:14-17).
3. سليمان يبنى ويدشن الهيكل (ص 2-7).
4. مآثر سليمان وموته (ص8، 9).
5. قصة رحبعام(ص 10-12).
6. الملك ابيا والملك آسا (ص 13- 16 ).
7. الملك يهوشافاط ( ص 17- 20 ).
8. الملك يهورام (ص 21).
9. الملك آخزيا ( ص22).
10. الملك يوآش (ص 23 ،24).
11. الملك آمصيا ( ص 25 ).
12. الملك عزيا (ص 26).
13. الملك يوثام والملك آحاز (ص 27، 28).
14. الملك حزقيا (ص29 -32 ).
15. الملك منسى والملك أمنون (ص 33).
16. الملك يوشيا (ص 34 ، 35).
17. الملك يهوآحاز (ص 36 : 1-4).
18. الملك يهوياكيم (ص 36 : 5-8).
19. الملك يهوياكين (ص 36 : 9-10).
20. الملك صدقيا (ص 36: 11-21).
21. اعلان الرجوع (ص 36: 22، 23).
محتويات خاصة بأخبار الأيام كسفر واحد وانفرد بها عن باقى الأسفار المقدسة :
من الأحداث والتفصيلات الخاصة بسفر أخبار الأيام وغير موجودة باماكن أخرى بالكتاب المقدس وقد ورد أغلبها بالسفر الثانى لأخبار الأيام:
1. أسماء رجال داود الأقوياء (1أخ 12)
2. استعدادات داود لبناء الهيكل (1أخ 22)
3. تنظيم، ومناهج وتقسيمات الكهنة واللاويين (1أخ 23 ،26)
4. وظائف وتنظيم جيش داود (1أخ 27 )
5. خطاب داود للقادة القوميين و التقدمة لبناء الهيكل (1 أخ 28 ،29)
6. حصن رحبعام، وهجرة الكهنة واللاويين من اسرائيل (2أخ 11)
7. هزيمة ابيا ليربعام (2أخ 13)
8. تحصينات اسا لمملكته – هزيمة زارح وجنود كوش (2أخ 14)
9. منع آسا للأصنام – معاونة النبى عزريا (2أخ 15)
10. انتهار حنانى لآسا بسبب اتكاله على سوريا وليس على الرب (2أخ16)
11. تاسيس يهوشافاط لقواعد عسكرية فى مدن يهوذا وافرايم
12. ازالته للمرتفعات والسوارى، مشروع ارسال الرؤساء واللاويين ليعلموا الشعب سفر الشريعة (2أخ 17)
13. ياهو ينتهر يهوشافاط لتحالفه مع ملوك اسرائيل الأشرار (2أخ 19)
14. استخدام يهوشافاط فريق التسبيح لهزيمة قوات مؤاب وعمون العظيمة (2أخ 20)
15. أصنام يهورام ودينونته (2أخ 21)
16. ارتداد يوآش ، مقتل زكريا الابن البار ابن يهوياداع (2أخ 24)
17. استعداد أمصيا للحرب، واصنامه (2أخ 25)
18. انتصارات عزيا على الفلسطينيين و العرب وقوته العسكرية (2أخ 26)
19. انتصار لوثام على عمون ( 2أخ27)
20. اصلاحات حزقيا، حفظه للفصح وغناه (2أخ 29 – 31)
21. أسر منسى ، توبته ورجوعه (2أخ 33)
كما يمكن تقسيم سفر أخبار الأيام الثانى إلى سبعة أقسام:
أولا : سليمان؛ حكمته، مجد مملكته، بناء الهيكل:
من أصحاح 1 إلى أصحاح 9 (ويقابل سفر ملوك أول ص 1 - 11):
- طلب الحكمة ص 1
- بناء الهيكل ص 1 - 5
- تدشين الهيكل ص 6- 7
- حركة تعمير ص 8
- ملكة سبأ ص 9
" الآن يا الهي لتكن عيناك مفتوحتين وأذناك مصغيتين لصلاة هذا المكان " ص 6 : 4
![]() نموذج للبناء المُفْتَرَض للهيكل ( عن دائرة المعارف الكتاية )
ثانيا : انقسام المملكة:
من أصحاح 10إلى أصحاح 13
- انقسام المملكة ص 10 ، 11
- تسليم يهوذا لملك مصر " شيشق " ص12
- يهوذا يذل إسرائيل ص13
![]() إن كان عصر سليمان يمثل عصر طلب الله كملك فإن انقسام المملكة في بدء حكم ابنه رحبعام يمثل زيغا النفس عن الله لتطلب الحكمة البشرية المسببة انقسامات ، كما حاول رحبعام أن يعالج الأمر بالحرب مع أخوته لا بالتوبة فلم يفلح . بل كانت ثمرة هذا الانقسام هو حرب داخلية بين المملكتين وحرب خارجية ( قام شيشق ملك مصر وضرب أورشليم ) " أنتم تركتموني وأنا أيضا أترككم ليد شيشق " (12: 5).
ثالثا : إصلاحات أسـا
من أصحاح 14 إلى أصحاح 16
- من الجانب السلبي : نزع المذابح الوثنية، إما الجانب الإيجابي فهو بناء مدن حصينة، لأنه لا يكفي ترك الشر إنما يليق التمتع بالخير.
- قطع السواري وهي أعمدة مأخوذة من أشور بها إشارات إلى الأعضاء التناسلية لإثارة الشهوة ( ص 15 )
- أطاع أسا الله أكثر من الناس فخلع أمة معكة المحبة للأوثان ( ص 15 )، لذلك وهبه الله فترة سلام طويلة.
- بعدما تعلم الاعتماد علي الله ( 14: 11 )، كان الله يسمع له ويسنده، لكنه اتكل علي ملك آرام ( 16 : 7 ) ولم يحتمل توبيخ النبي له بل سجنه ( 16 : 10 ).
" لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه " 16 : 9
رابعا : إصلاحات يهوشافاط
من أصحاح 17 إلى أصحاح 20
- الاهتمام بالتعليم ص 17
- طلبه المشورة من النبي ص 18
- الاهتمام بالقضاء العادل ص 19
- اتكاله علي الله ص 20
يلاحظ في إصلاحاته :
ـ اهتم بالجانب التعليمي، فحث الرؤساء واللاويين والكهنة علي التعليم
ـ رغم أن أخاب الشرير كان صهراً له إلا أنه رفض مشورة أنبيائه الكذبة وطلب مشورة ميخا النبي فكانت ثمرة مصاهرته أن تعرض للموت في حربه مع أخاب ضد ملك آرام .
ـ أراد أخاب الملك أن يكتم فم ميخا، لكنه مات وكُرِّمَ النبي.
ـ اختفى أخاب الشرير بالموت، وظهر الملك يهوشافاط الذى أنقذَه اللهُ.
ـ اتكل يهوشافاط علي الله فخلصه.
خامسا : فترة فساد وكوارث
من أصحاح 21 إلى أصحاح 27
- ملك يورام ص 21
- ملك اخزيا ص 22
- يوآش و موت عثليا ص 23
- ملك يوآش و تجديد الهيكل ص24
- امصيا وحروبه ص 25
- عزيا و قدرته و كبريائه ص 26
- ملك يوثام ص 27
سادسا : إصلاحات حزقيا و يوشيا الكبرى
من أصحاح 28 إلى أصحاح 35
- فساد أحاز أبى حزقيا و موته ص 28
- إصلاحات حزقيا
- تطهير الهيكل و تقديم الذبائح ص 29
- الاحتفال بعيد الفصح و الفطير ًص 30
- إصلاح العبادة ص 31
- اجتياح سنحاريب و نهايته ص 32
- فساد منسى و توبته ص33
- إصلاحات يوشيا
- ترميم الهيكل و العثور على الشريعة ص 34
- الاحتفال بعيد الفصح ص 35
سابعا : حال إسرائيل في نهاية الحكم الملكى.
أصحاح 36
- يوآحاز 1 - 4
- يواقيم 5 - 8
- يوياكين 9 - 10
- صدقيا و النهاية 11 - 21
- نحو المستقبل 22 - 23
- كان أغلب الملوك أشرارا حتى يوشيا الذي تربي تربية حسنة في صغره، ولم يثبت علي تربيته هذه بعد موت يهوياداع الكاهن ( ص 23 ، 24)، بل وأيضا سلك السبيل المستقيم، مع أن قلبه لم يكن كاملا .
- عزيا كان مستقيما مدة أيام زكريا وأنجحه الرب، لكنه سقط بسبب الكبرياء واستهانته بمقدسات الله فدخل الهيكل ليوقد للرب علي مذبح البخور مع كونه ليس كاهنا، ولما قاومه الكهنة غضب عليهم ففي الحال ابتلي بالبرص إلى يوم وفاته.
- أما يوثام ابنه فكان صالحا مما أجل الخراب الذي كان مزمعا أن يحل بيهوذا وأعطاه الرب كرامة في أعين الشعب فأحبوه، كما ضرب الأعداء وهزمهم. "معه ذراع بشري ومعنا الرب إلهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا" (32 : 8 ).
الفصل الرابع
المصادر الكتابية وغير الكتابية
***
تنقسم مصادر سفري أخبار الأيام الي مصادر كتابية وأخرى غير كتابية. ويرجع جزء كبير من مضمون سفري أخبار الأيام الي أسفار العهد القديم الأخرى، وبخاصة أسفار صموئيل والملوك.
أما المصادر الأخرى (غير كتابية أو لا تنتمى للأسفار المقدسة المعروفة والمتداولة حالياً) والتي ورد ذكرها في سفري أخبار الأيام فهي:
(1) "سفر الملوك ليهوذا وإسرائيل" (2أخ11:16، 26:25، 26:28، 32:32).
(2) "سفر ملوك إسرائيل ويهوذا" (2أخ 7:27، 27:35، 8:36).
(3) "سفر ملوك إسرائيل" (2أخ 34:20).
(4) "سفر الملوك" (2أخ 27:24).
وربما كانت هذه الأسماء الأربعة صيغاً مختلفة لسفر واحد، وربما كانت هذه الأسفار نفسها بعض مصادر سفري الملوك الحاليين.
(5) "سفر ملوك إسرائيل" (1أخ 1:9) وهو سفر مختص بالأنساب.
(6) "ِمدْرس سفر الملوك" (2أخ 27:24).
(7) "أخبار ملوك إسرائيل" (2أخ 18:33) وأشير اليه في الأمور المتعلقة بمنسي.
و هذه الكتب السبعة هي أسفار للملوك، كما أن مضمون الكتب الثلاثة الأخيرة منها لا يتفق مع مضمون الأسفار الكتابية. ومن المفهوم عموماً من إسم الكتاب السابع منها (أخبار ملوك اسرائيل)وأسماء بعض الكتب التي سيرد ذكرها فيما بعد ؛ أن كلمة "أخبار" مرادفة لكلمة أفعال أو تاريخ، إلا أنه من الأفضل هنا أن نحتفظ بكلمة "أخبار" لأنها الأقرب من جهة الاشتقاق اللفظي.
(8) "سفر أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي" (1أخ 29:29)، ولعلها كانت سفراً واحداً مطابقاً لأسفار القضاة وصموئيل الأول و الثاني.
(9) "أخبار ناثان النبي" (2أخ29:9) وهي تختص بأمور سليمان (سفر أمور سليمان بالنظر الى 1مل 41:11-43).
(10) "نبوة أخيَّا الشيلوني" (2أخ 29:9 بالنظر الى 1مل 29:11-39، 2:14-16) وهي عن أمور سليمان.
(11) "رؤى يعدو الرائي" (2أخ 29:9بالنظر الى 1مل 13) عن أمور سليمان.
(12) "أخبار شمعيا النبي" (2أخ15:12، بالنظر الى 1مل 22:12-24) عن أمور رحبعام.
(13) "وكتبهم شمعيا بن نثنئيل الكاتب" (1أخ 6:24) عن أمور داود.
(14) "عدو الرائي عن الانتساب" (2أخ 15:12) عن أمور رحبعام.
(15) "أخبار ياهو بن حناني المذكور في سفر ملوك إسرائيل" (2أخ 34:20، بالنظر الى 1مل 1:16و7و12) عن أمور يهوشافاط.
(16) "وبقية أمور عزيا الأولى و الأخيرة كتبها إشعياء بن أموص النبي" (2أخ 22:26-بالنظر الى إش 1: 1-6).
(17) "رؤيا إشعياء بن أموص النبي في سفر ملوك يهوذا وإسرائيل" (2أخ 32:32، بالنظر الى 2مل 18الى20، إش 36الى39) عن حزقيا.
(18) "أخبار الرائين" (2أخ 19:33) عن أمور منسى.
(19) إشارات الي "المراثي" والي "إرميا" (2أخ 25:35) عن أمور يوشيا.
(20) "ِمدْرس النبي عدو" (2أخ 22:13) عن أمور أبيا .
وتُذْكَر الأسفار من رقم "12" إلى "20" على أنها أخبار وأعمال للأنبياء. ويبدو للوهلة الأولى، أن هذه المراجع قد تشير إلى أجزاء من أسفار صموئيل و الملوك التي ورد فيها ذكر أولئك الأنبياء الكثيرين، إلا أن بعض النقاد للنصوص المقدسة وأصولها التاريخية ممن يهتمون بإسناد النصوص بأجزائها إلى المرجعية التاريخية كعمل أدبى يخضع تماماً للفحص وإثبات نسب العمل لكاتبه؛ لا يثبتون هذا التفسير في كل الأحوال تقريباً.
هكذا يَرُونَ أنه قد كان أمام كاتب "أخبار الأيام" مراجع نبوية لم تعد موجودة لدينا الآن.
(21) كتابات داود وسليمان عن ترتيبات العبادة (2أخ4:35- وأيضاً عزرا 10:3) عن أمور يوشيا.
(22) "أوامر داود وجاد رائي الملك وناثان النبي" (2أخ 25:29) عن أمور حزقيا.
(23) "أمر داود وآساف وهيمان ويدرثون" (2أخ 15:35) عن أمور يوشيا.
(24) "سفر أخبار الأيام للملك داود" (1أخ 24:27).
(25) "كلام داود الأخير" (1أخ 27:23).
يُضاف الي هذا ما ذكر كثيراً عن أعمال "الأنتساب" المتعلقة بعصور وأيام معينة، منها على سبيل المثال (1أخ 22:9، 17:5)، وأمور تشير الي حفظ السجلات ابتداء من صموئيل النبي فصاعداً، (كما جاء في 1أخ 26:26-28). كما أن كاتب سفري الأخبار كان من عادته أن يستشهد بما يعتبره وثائق عامة - كما حدث في سفري عزرا ونحميا- مثل الخطابات المتبادلة بين كورش، وارتحشستا، وداريوس، وارتحشستا لونجمانوس (عز 1:1، 3:6، 7:4و17، 6:5، 6:6، 11:7، نح 7:2). وهذا هو ما أوجد إفتراصاً لدى الباحثينبأن كاتب سفر الأخبار كانت لديه مكتبة ضخمة تحت تصرفه، كما يبدو من بعض العبارات داخل النص.
وقد أُتُّفِقَ على تسمية هذه المكتبة المفترضة: "مكتبة نحميا".
مكتبة نحميا
لو كان لهذه المكتبة وجود فعلي، فمن المتوقع أن نجد لها ذكراً في الكتاب المقدس. ويعتقد البعض أنها مذكورة في أحد الأسفار المستبعدة والمعروفة بأسفار الأبوكريفا وهو سفر المكابيين الثاني(13:2-15) وقد جاء فيه النص التالى:
"وقد شرح ذلك في السجلات والتذاكر التي لنحميا وكيف انشا مكتبة جمع فيها اخبار الملوك والانبياء وكتابات داود ورسائل الملوك في التقادم. وكذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا. فان كانت لكم حاجة بذلك فارسلوا من ياخذه اليكم".
وهي فقرة يدور حولها جدل كثير، وقد جاءت فيما يبدو كخطاب كتبه القادة المكابيون في أورشليم إلى أرستوبولس في مصر بعد 164ق.م. وقد حوى الخطاب الكثير مما يتعلق بنحميا . كما يقولون إن هذه الكتابات قد تناثرت بسبب الحرب إلا أن يهوذا المكابي جمعها ثانية لتكون في خدمة أرستوبولس وأصحابه.
ويحتوي هذا الخطاب بيانات تبدو خرافية أمام معظم القراء اليوم، مع أنها لم تكن تبدو هكذا بالنسبة ليهوذا ومواطنيه. إلا أننا حتى لو تغاضينا عن الدليل الداخلي لهذه الشهادة، فان اتفاق هذا الوصف مع ما جاء في تقاليد أخرى معينة مع ما هو موجود في سفري أخبار الأيام، لهو أمر لا يُهمل.
كان الناس في الماضي[4] يذكرن هذه الفقرة باعتبارها إشارة إلى وضع "قانون الأسفار المقدسة"، وقانون الأنبياء أو الهاجيوجرافا (الكتابات المقدسة)، إلا أنه يفهم منها أنها وصف لمكتبة وليس لمجموعة أسفار، ولا يبدو في محتوياتها شئ من الأنبياء أو الكتابات المقدسة أو كليهما، لكنها قائمة دقيقة بالمصادر التي كانت في متناول يد كاتب (أو كَّتاب) أسفار أخبار الأيام وعزرا ونحميا. "فأسفار الملوك" (من 1الى7 فى القائمة السابق ذكرها للمصادر غير الكتابية)، والأنبياء (من 8الى20)، وداود (من 21الى25)، وخطابات الملوك عن التقدمات (ذكرت في عزرا ونحميا).
وهكذا تطابق هذه المكتبة المنسوبة الي نحميا، المكتبة التي يشير كاتب سفر الأخبار إلى أنه استعان بها. ويؤكد كل من هذين الدليلين المنفصلين صحة الآخر.
طريقة استخدام المصادر الكتابية
إن طريقة استخدام سفري "أخبار الأيام" للمصادر الكتابية لها بعض الخصائص المعينة، ويمكن دراسة الأصحاح العاشر من أخبار الأيام مع الأصحاح الحادي و الثلاثين من صموئيل الأول كمثال نموذجي لذلك. فليست الفقرة المذكورة في سفر أخبار الأيام الأول (1:10-12) سوى نقل - مع تغيرات قليلة - لنفس الفقرة من سفر صموئيل الأول (1:31-12).
فالنص فى أخبار الأيام يأتى هكذا:
"وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِسْرَائِيلَ، فَهَرَبَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَقَطُوا قَتْلَى فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ. وَشَدَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَرَاءَ شَاوُلَ وَوَرَاءَ بَنِيهِ، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ يُونَاثَانَ وَأَبِينَادَابَ وَمَلْكِيشُوعَ أَبْنَاءَ شَاوُلَ. وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ فَأَصَابَتْهُ رُمَاةُ الْقِسِيِّ، فَـانْجَرَحَ مِنَ الرُّمَاةِ. فَقَالَ شَاوُلُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: «اسْتَلَّ سَيْفَكَ وَاطْعَنِّي بِهِ لِئَلاَّ يَأْتِيَ هَؤُلاَءِ الْغُلْفُ وَيُقَبِّحُونِي». فَلَمْ يَشَأْ حَامِلُ سِلاَحِهِ لأَنَّهُ خَافَ جِدّاً. فَأَخَذَ شَاوُلُ السَّيْفَ وَسَقَطَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى حَامِلُ سِلاَحِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ شَاوُلُ، سَقَطَ هُوَ أَيْضاًعَلَى السَّيْفِ وَمَاتَ. فَمَاتَ شَاوُلُ وَبَنُوهُ الثَّلاَثَةُ وَكُلُّ بَيْتِهِ، مَاتُوا مَعاً. وَلَمَّا رَأَى جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ فِي الْوَادِي أَنَّهُمْ قَدْ هَرَبُوا، وَأَنَّ شَاوُلَ وَبَنِيهِ قَدْ مَاتُوا، تَرَكُوا مُدُنَهُمْ وَهَرَبُوا، فَأَتَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَسَكَنُوا بِهَا. وَفِي الْغَدِ لَمَّا جَاءَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِيُعَرُّوا الْقَتْلَى وَجَدُوا شَاوُلَ وَبَنِيهِ سَاقِطِينَ فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ. فَعَرُّوهُ وَأَخَذُوا رَأْسَهُ وَسِلاَحَهُ، وَأَرْسَلُوا إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ لأَجْلِ تَبْشِيرِ أَصْنَامِهِمْ وَالشَّعْبِ. وَوَضَعُوا سِلاَحَهُ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمْوَسَمَّرُوا رَأْسَهُ فِي بَيْتِ دَاجُونَ. وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ يَابِيشِ جِلْعَادَ بِكُلِّ مَا فَعَلَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ بِشَاوُلَ. قَامَ كُلُّ ذِي بَأْسٍ وَأَخَذُوا جُثَّةَ شَاوُلَ وَجُثَثَ بَنِيهِ وَجَاءُوا بِهَا إِلَى يَابِيشَ، وَدَفَنُوا عِظَامَهُمْ تَحْتَ الْبُطْمَةِ فِي يَابِيشَ، وَصَامُوا سَبْعَةَ أَيَّام"ٍ.
والنص فى صموئيل يأتى هكذا:
"وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِسْرَائِيلَ، فَهَرَبَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَقَطُوا قَتْلَى فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ. فَشَدَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَرَاءَ شَاوُلَ وَبَنِيهِ، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ يُونَاثَانَ وَأَبِينَادَابَ وَمَلْكِيشُوعَ أَبْنَاءَ شَاوُلَ. وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ فَأَصَابَهُ الرُّمَاةُ رِجَالُ الْقِسِيِّ، فَانْجَرَحَ جِدّاًمِنَ الرُّمَاةِ. فَقَالَ شَاوُلُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: «اسْتَلَّ سَيْفَكَ وَاطْعَنِّي بِهِ لِئَلاَّ يَأْتِيَ هَؤُلاَءِ الْغُلْفُ وَيَطْعَنُونِي وَيُقَبِّحُونِي». فَلَمْ يَشَأْ حَامِلُ سِلاَحِهِ لأَنَّهُ خَافَ جِدّاً. فَأَخَذَ شَاوُلُ السَّيْفَ وَسَقَطَ عَلَيْهِ. وَلَمَّا رَأَى حَامِلُ سِلاَحِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ شَاوُلُ، سَقَطَ هُوَ أَيْضاًعَلَى سَيْفِهِ وَمَاتَ مَعَهُ. فَمَاتَ شَاوُلُ وَبَنُوهُ الثَّلاَثَةُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعاً. وَلَمَّا رَأَى رِجَالُ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ الْوَادِي وَالَّذِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ أَنَّ رِجَالَ إِسْرَائِيلَ قَدْ هَرَبُوا، وَأَنَّ شَاوُلَ وَبَنِيهِ قَدْ مَاتُوا، تَرَكُوا الْمُدُنَ وَهَرَبُوا، فَأَتَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَسَكَنُوا بِهَا. وَفِي الْغَدِ لَمَّا جَاءَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِيُعَرُّوا الْقَتْلَى وَجَدُوا شَاوُلَ وَبَنِيهِ الثَّلاَثَةَ سَاقِطِينَ فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ. فَقَطَعُوا رَأْسَهُ وَنَزَعُوا سِلاَحَهُ وَأَرْسَلُوا إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي كُلِّ جِهَةٍ لأَجْلِ التَّبْشِيرِ فِي بَيْتِ أَصْنَامِهِمْ وَفِي الشَّعْبِ. وَوَضَعُوا سِلاَحَهُ فِي بَيْتَِ عَشْتَارُوثَ، وَسَمَّرُوا جَسَدَهُ عَلَى سُورِ بَيْتِ شَانَ. وَلَمَّا سَمِعَ سُكَّانُ يَابِيشَ جِلْعَادَ بِمَا فَعَلَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ بِشَاوُلَ. قَامَ كُلُّ ذِي بَأْسٍ وَسَارُوا اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَأَخَذُوا جَسَدَ شَاوُلَ وَأَجْسَادَ بَنِيهِ عَنْ سُورِ بَيْتِ شَانَ، وَجَاءُوا بِهَا إِلَى يَابِيشَ وَأَحْرَقُوهَا هُنَاكَ".
كما نجد عبارة واحدة بالأصحاح العاشر من سفر الأخبار الأول تُعَدُّ موجزاً للأصحاح الثامن والعشرين من سفر صموئيل الأول؛ ففي العددين 13و14 يوجز المؤرخ في جملة واحدة جزءاً كبيراً من مضمون سفر صموئيل الأول: "فَمَاتَ شَاوُلُ بِخِيَانَتِهِ الَّتِي بِهَا خَانَ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي لَمْ يَحْفَظْهُ. وَأَيْضاً لأَجْلِ طَلَبِهِ إِلَى الْجَانِّ لِلسُّؤَالِ، وَلَمْ يَسْأَلْ مِنَ الرَّبِّ، فَأَمَاتَهُ وَحَوَّلَ الْمَمْلَكَةَ إِلَى دَاوُدَ بْنِ يَسَّى".
ويتكرر الإقتباس:
فما جاء في (1أخ 1:1-4) ما هو إلا موجز لما في الأصحاح الخامس من سفر التكوين، ويأتى بسياق متسلسل بمعدل اسم لكل فقرة.
كما أن ما جاء في (1أخ 24:1-27) هو موجز لما جاء في سفر التكوين (10:11-26).
وهكذا نجد في الأجزاء المختلفة من سفري أخبار الأيام، كل ما قد يتبعه أي كاتب من تقنيات أدبية. ولكن الحقيقة البارزة هي استخدام طريقة النقل أكثر مما قد يفعل أي كاتب معاصر حالياً.
ويبدو حدوث بعض التنقيح في الفقرات المنقولة - بدون استثناء تقريباً - فقد تم إستخدام الأبسط من الكلمات والعبارات، وخففت خشونة القواعد النحوية. والنص في سفري أخبار الأيام – دائما تقريباً - أكثر إيجازاً الي حد ما، وأكثر طلاقة عنه في أسفار صموئيل و الملوك.
وإذا أولينا هذا الموضوع اهتماماً دقيقاً، لاستوثقنا من إجراء عملية التنقيح هذه، ومن أنها السبب في معظم الاختلافات بين النصوص في سفري أخبار الأيام والكتابات السابقة لهما، وليس السبب هو فساد حدث في النصوص أو تناقض يدل على تدخل بشرى فى إنسياب الوحى المقدس، مما يتهلل له المتربصون لإصطياد حُجَّةٍ لدعوى التدخل البشرى التى واجهها النص المقدس على مدى المئات من السنوات ولم تقوَ على النيل من قدسية النص وسلامة مصدره.
وهكذا يتكون قسم كبير من سفري أخبار الأيام من فقرات منقولة عن أسفار صموئيل والملوك.
وهناك رأي آخر يقول إن كاتب سفري الأخبار ربما نقل عن مصادر سبق أن نقل عنها كتبة أسفار صموئيل والملوك، ولعل هذا هو الرأي الأرجح في بعض الحالات على الأقل .
وعندما نُقَيِّم هذه الظاهرة - من الجانب النقدى البحت وليس بالنظر إلى الوحى المقدس الذى إستخدم ثقافة وإلمام كتبة الأسفارالمقدسة بمحيط عصرهم- نجد أن لها أهميتها لعدة أسباب:-
لها علاقة بصحة المعلومات؛ فإن نسخة من وثيقة قديمة، لها- كدليل- قيمة أعلى من مجرد التنويه عن مضمون تلك الوثيقة القديمة. واستخدام النص ذاته فى حالة النصوص المقدسة يَلْقَى إعتباراً أعظم من النقل عن مضمونه.
كما أن لها دلالتها فيما يتعلق بالنصوص؛ فربما تعتبر نصوص أسفار الملوك وأخبار الأيام تنقيحات وتعديلات للنصوص المأخوذ منها فى الأصل. فمن الأهمية أن يتم إيضاح العمليات الأدبية التي استخدمها كتبة الأسفار المقدسة. فيقال ـ أحياناً ـ إنهم استخدموا ما لديهم من مصادر، ليس بإعادة عرض المحتويات بل بالنقل المباشر منها. إلا أنه من الأدق وللإنصاف أن نقول أنهم فعلوا ذلك (أحياناً فقط) إذ تتوقف عملية النسخ فى الجزء الذى تحدثنا عنه كمثال عند الآية الثانية عشر من الأصحاح العاشر من سفر الأخبار الأول.
إضافات الكاتب المؤرخ
إن معظم التغيرات الهامة التي أحدثها كاتب سفري الأخبار، تتمثل في الإضافة و الحذف. كما أن أكبر الفصول المضافة الي سفري الأخبار، هي تلك الفقرات التي تتحدث عن الهيكل والعبادة فيه، والقائمين بأمره من كهنة ولاويين وموسيقيين ومغنين وبوابين، وكذلك الإضافات المختصة بعودة تابوت العهد الي أورشليم، و تجهيزات الهيكل، والكهنة الذين انضموا لرحبعام، والحرب بين أبيا ويربعام، والإصلاحات في أيام آسا ويهوشافاط، والتفاصيل المختصة بعزيا وموت حزقيا، وما قام به منسي من اصلاحات، والفحص الذي عمله يوشيا (1أخ 15-16 و22-29 و 2أخ 13:11-17 و13 و14 و15 و17 و19 و20 و16:26-21 و29-31 و10:33- 20 و35).
وقد لوحظ أنه بينما يعطي المؤرخ - في هذه الفقرات - مساحة جيدة لوصف شرائع موسى الطقسية، الا أنه يعطي مساحة أكبر لوصف ترتيبات داود.
يلي ذلك من حيث الحجم، مادة الأنساب و الإحصاءات، كما في الجزء الكبير من سلاسل الأنساب التمهيدية و التفاصيل المختصة بأصحاب داود، ومدن رحبعام الحصينة والشؤون العائلية، وبيانات عن غزوة شيشق، واستعدادات آسيا العسكرية، وغزوة زارح بالأعداد والتواريخ، وترتيبات يهوشافاط العسكرية، وإخوة يهورام وبيانات أخرى عنه، وجيش عزيا ومشروعاته (1أخ 2-9، 12، 27 و 2أخ 5:11-12 و18-23، 3:12-9 و3:14- 15و1:17-5 و10-19 و21 و 6:26-15).
وربما يقال أحياناً أن كاتب سفر أخبار الأيام قد اهتم بشؤون الكهنة وليس بشؤون الأنبياء. لكن على العكس فهو:
يولي معظم الأنبياء عناية خاصة (مثلاً 2أخ 20:20، 12:36و16)، وقد استخدم كلمة "نبي" ثلاثين مرة كما تذكر المصادر المعنية بالمقارنات والرصد، كما استخدم الكلمتين العبريتين المعبرتين عن "الرائي" وهما "حوزة" خمس مرات، و "روه" إحدى عشرة مرة .
ويقدم لنا معلومات إضافية عن كثير من الأنبياء، مثل: "صموئيل" و"جاد" و"ناثان" و"أخيا" و"شمعيا" و"حناني" و"ياهو" و"إيليا" و"إشعياء" و"إرميا".
إحتفظ بتواريخ الكثير من الأنبياء الذين لولاه، لما عرفنا عنهم شيئاً، مثل: "آساف" و"هيمان" و"يدوتون" و"يعدو" (2أخ 29:9)، و"عدو" (2أخ 15:12، 22:13) و"عوديد" و"عزريا بن عوديد" في أيام آسا (2أخ 1:15و8)، و"يحزيئيل بن زكريا" (2أخ 14:20) و"أليعزر بن دودا" و"اهو" (2أخ 37:20)، و"زكريا بن يهوياداع" (2أخ20:24)، و"زكريا الفاهم بمناظر الله" (2أخ 5:26)، وأنبياء لم تذكر أسماؤهم في أيام أمصيا (2أخ 5:25-10و15و16)، و"عوديد" في أيام آحاز (2أخ 9:28).
وبذلك فإن المؤرخ قد انتهج في تأريخه أسلوب الإحتفاظ بأحداث متنوعة لها أهميتها. وعندما وصل الي "يائير" في قائمة الأنساب وجد نفسه أمام معلومة لم تُدرج في الكتابات السابقة، فضمنها قائمته: "وَبَعْدُ دَخَلَ حَصْرُونُ عَلَى بِنْتِ مَاكِيرَ أَبِي جِلْعَادَ وَاتَّخَذَهَا وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً فَوَلَدَتْ لَهُ سَجُوبَ. وَسَجُوبُ وَلَدَ يَائِيرَ، وَكَانَ لَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُونَ مَدِينَةًفِي أَرْضِ جِلْعَادَ".(1أخ 21:2-23).
واهتم الكاتب بذكر "عشائر الكتبة سكان يعبيص" (1أخ 14:4و21و23). كما وجد الصلاة الرائعة التى رفعها يعبيص الى الرب فألحقها بقائمة الأسماء كحاشية وهى :
"وَدَعَا يَعْبِيصُ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ: لَيْتَكَ تُبَارِكُنِي، وَتُوَسِّعُ تُخُومِي وَتَكُونُ يَدُكَ مَعِي وَتَحْفَظُنِي مِنَ الشَّرِّ حَتَّى لاَ يُتْعِبُنِي.فَآتَاهُ اللَّهُ بِمَا سَأَلَ". (1أخ4 : 10).
وهناك أمور تتعلق بمرض آسا ودفنه، وأمور تتعلق بالسلوك الشرير ليوآش بعد موت يهوياداع، وأخرى تتعلق بالإنشاءات التي أقامها حزقيا(2 أخ 12:16و13، 15:24-27، 27:32-30)، وقد سجلها كاتب الأخبار رغم أنها لم تسجل في الكتابات السابقة.
ما حذفه المؤرخ
وكما أضاف كاتب "أخبار الأيام" أموراً غير موجودة في الأسفار السابقة، فإنه أيضاً حذف الكثير مما تضمنته أسفار صموئيل والملوك. ولكن يجب أن يكون ما أضافه موضع اهتمام أكبر مما حذفه، لأنه يكتب لقراء يفترض فيهم الالمام بالأسفار السابقة، ومع ذلك احتفظ بالكثير مما رآه ضرورياً لتحديد العلاقات بين ما سجله من حقائق وبين ما سجله السابقون. ومن نقطة بداية تاريخ داود، جرى الكاتب على حذف كل ما ليس له علاقة وثيقة بداود أو سلالته الحاكمة، مثل تاريخ المملكة الشمالية، والقصص الطويلة المتعلقة بإيليا وأليشع، والأمور المحزنة عن آمنون وأبشالوم وأدونيا وخيانة سليمان والعديد من التفاصيل قليلة الأهمية. وقد ذكرنا من قبل اختصاره المنتظم للفقرات التي نقلها.
المصادر غير الكتابية
هناك ظاهرتان ملحوظتان في أجزاء "أخبار الأيام" التي لم تنقل عن الأسفار القانونية، وبالرجوع إلى الأصول العبرية[5] ومقارنة اللغة فيها؛ فهي مكتوبة بلغة عبرية أحدث، وذات أسلوب منسق جميل. وكثير من هذه الأجزاء عبارة عن مقتطفات موجزة. أما اللغة العبرية التي كتبت بها الأجزاء المنقولة عن أسفار صموئيل و الملوك، فهي بالطبع اللغة الكلاسيكية لتلك الأسفار، وقد جاءت أكثر بلاغة لِمَا تم فيها من تنقيح. أما الأجزاء الأخرى فمن المفترض أنها هي لغة المؤرخ ذاته، والفرق بين لغة كل جزء منها جلى واضح لا يمكن الخلط فيه. ويمكن التعليل لهذا الاختلاف، بافتراض أن المؤرخ عالج المصادر الكتابية التي نقل عنها باحترام خاص، أما المصادر الأخرى غير الكتابية، فقد لوحظت حرية أكثر فى تناولها على خلاف الأمر فى حال النص الكتابى.
وعن هذه النقطة تذكر بعض المصادر التى مررت بها خلال هذا البحث إفتراضاً لا أجد ميلاً له، بل أعتقد أن حرية البحث الموضوعى غير المنحاز لقدسية النصوص الكتابية؛ لا ينبغى أن تكلفنا الثمن الذى بمقتضاه نتبنى مثل هذا الإفتراض.
ويقول هذا الافتراض أو التعليل:
هناك إشارات إلى أن بعض المصادر غير الكتابية كانت إما مشوهة أو ممزقة عندما استخدمها المؤرخ. فهناك الكثير من الجمل و الفقرات و التركيبات اللغوية المبتورة، وهي عيوب اختفى معظمها الي حد كبير عند نقلها فى الترجمات التالية، حيث استكمل المترجمون المعنى عن طريق[6] التخمين!، وهي أقل ظهوراً في القصص الطويلة، عنها في سلاسل الانساب والفقرات الوصفية. وقد يشار إلى هذه العيوب أحياناً كما لو كانت من خصائص اللغة العبرية المتأخرة إلا أن هذا غير معقول. فمعظم سلاسل الأنساب - مثلاً - غير كاملة. كما أن سلاسل أنساب الكهنة، لا تذكر أسماء بعض البارزين في التاريخ مثل يهوياداع الكاهن، وكاهنين باسم عزريا ( 2مل 4:11و9 2أخ 17:26، 10:31).
وقد تكرر العديد من سلاسل الأنساب، وبصيغ مختلفة، ولكن بنفس النقص الواضح، فهناك عدة ثغرات أو فجوات في القوائم، فبينما نقرأ أسماء إحدى المجموعات، إذ بنا نكتشف فجأة أننا أمام أسماء من مجموعة أخرى، دون أدنى تنبيه الي هذا الانتقال. ونجد نفس هذه الظواهر في الأقسام من أخبار الأيام الأول 2:23-34:27، فهي تحوي بيانات متتابعة في نظام منسق من أقسام وفروع، ولكن الكثير من البيانات المترتبة على هذا النحو، مبتورة حتى لا تكاد ’تفهم. وأقرب تفسير لهذه الظواهر هو افتراض أن الكاتب كان لديه الكثير من المخطوطات، ربما على ألواح فخارية أو على ورق البردي أو غيرهما، وكانت الكتابة مبتورة فنقلها كما هي، بقدر ما سمحت له إمكاناته. ولو أن كاتباً حديثاً قام بمثل هذا العمل، لأشار الى الثغرات بوضع نقط أو علامات مكان الفجوات، إلا أن الناسخ القديم قام بكل بساطة بنقل النصوص الواحد تلو الآخر دون استخدام مثل هذه العلامات. وقد يختلف العلماء فيما بينهم بخصوص العديد من الفجوات المفترضة في "أخبار الأيام"، الا أنهم يتفقون على الكثير منها. ولو قام شخص ما بطبع سفري أخبار الأيام مع الإشارة إلى هذه الثغرات و الفجوات، لأسهم مساهمة فعالة في إزالة ما في هذين السفرين من لبس.
هكذا يُفهم من هذا التعليل أن طريقة النسخ، بمعنى السرد المتواصل للنص، هى التى أنتجت لنا هذه الثغرات. كما أن بقاء هذه النُسخ على نفس الحال هو دليل قوى على عدم العبث بالنصوص بل الحفاظ عليها بالصورة التى وُجِدَت فيها.
الفصل الخامس
هدف السفر وتقييم النص
***
الهدف من كتابة أخبار الأيام
على أساس هذه الظواهر، ما هي أهداف كتابة "أخبار الأيام"؟
يرى البعض أن الإجابة على هذا السؤال سهلة وبسيطة، إذ يقولون إن اهتمام الكاتب كان منصباً على خدمة كهنة الهيكل، وقد بدا له أن التواريخ القديمة لم تعرها الاهتمام الواجب، ولذلك قام بنفسه بكتابة تاريخ جديد، ضمنَّه الآراء و الحقائق التي رأى وجوب ذكرها. وإذا قوَّمنا هذا الرأي بحيث لا يطعن في إخلاص المؤرخ وإيمانه، لكان الرأي صحيحاً في جملته، كجزء من هدفه، فقد كان هدفه الحفاظ على ما اعتبره أموراً تاريخية كانت معرضة لخطر الضياع، وهى أمور متعلقة بالعبادة في الهيكل مع أمور متنوعة أخرى. وكانت له غريزة المؤرخ في الاستحواذ على كل أنواع التفاصيل ووضعها في صيغة ثانية. وقد أوحى إليه اللـه أن ينحو هذا المنحنى (و لسنا هنا بصدد مناقشة طبيعة هذا الوحي). لقد أراد أن يحتفظ للمستقبل كل ما اعتبره حقائق تاريخية. وإذا كان حماسه للهيكل قد حدد - إلى حد ما - محتويات السفر، الا أن طبيعة المواد التي وضعتها العناية الإلهية تحت تصرفه كان لها نفس الأثر، إذ يبدو أنه أراد استكمال مجموعة الكتابات المقدسة التي تجمعت على مدى قرون عديدة .
لقد أطلقت الترجمة اليونانية - كما سبق - على "أخبار الأيام" اسماً يعَّبر عن فكرتهم عن هذين السفرين، فقد رأوا في "أخبار الأيام" تسجيلاً لأمور لم تسجلها الأسفار السابقة، فهي لم تكتب لتكون بديلاً عن هذه الأسفار بل مكملة لها، حيث أنها مع سفرى عزرا ونحميا تستكمل التاريخ المقدس إلى الوقت المعاصر لكتابتها.
نصوص "أخبار الأيام"
لم تنل نصوص سفري "أخبار الأيام" في حفظها العناية التي لاقتها أسفار أخرى في العهد القديم. انظر مثلاً الأعداد 42،8 بالنسبة لعمر كل من أخزيا ويهوياكين (2أخ 2:22 بالمقارنة مع 2مل 26:8، 2أخ 9:26 بالمقارنة مع 2مل 8:24). ولكن ليس هذا دليلاً على فساد النص، فإن طبيعة التجزئة التي اتسمت بها بعض أقسامه، قد تكون ناجمة - وهو الأرجح - عن دقته في النقل عن مصادر مجزأة غير مكتملة، وليست ناجمة عن نص رديء. والاختلافات بين أسفار صموئيل والملوك وسفري أخبار الأيام في الفقرات المنقولة عنها، راجعة في معظمها إلي تنقيح مقصود وليس إلى اختلافات في النصوص .
تقييم النقَّاد
كانت مظاهر العدل والإنصاف التي اتسمت بها مناقشة النقد التي دارت حول "أخبار الأيام" أقل منها بالنسبة لمعظم الأسفار الأخرى. لهذا لم يكن مستغرباً أن يفترض بعضهم أن "كاتب الأخبار - في ذكره لهذه المراجع الكثيرة - إنما يريد أن يخلع على كتاباته طابع الثقة فيها"، بينما يتسرع البعض إلى القول بأن كل كتب أخبار الملوك المذكورة في سفري "أخبار الأيام" هي في حقيقتها سفر واحد ("سفر الملوك ليهوذا وإسرائيل" - "سفر ملوك إسرائيل ويهوذا" - "سفر ملوك إسرائيل" - "سفر الملوك" - "سفر ملوك إسرائيل" - "ِمدْرس سفر الملوك" - "أخبار ملوك إسرائيل")، و الذي كان على الأرجح "مِدْرساً" (أي تعليقاً أو شرحا) كاملاً شاملاً لسفري الملوك الأول و الثاني القانونيين، وإن الإشارة الي كتابات الأنبياء هي إشارات إلى أقسام ذلك "المِدْرس"، فلم يكن أمام كاتب سفري الأخبار سوى مصدرين إثنين لا غير، هما الأسفار المقدسة، وهذا "المِدْرس" عن تاريخ إسرائيل، وأنه لمن المستحيل الجزم بما إذا كان قد استعان بأي مصادر أخرى.
ومن بين نظريات النقد "لأخبار الأيام"، هناك افتراض بوجود سفر للملوك أسبق وأشمل من السفرين القانونيين اللذين بين أيدينا الآن. وفي الكتابات الحديثة لعلماء مثل "بوخلر" (Buchler) و"بنزجر" (Benziger) و"كتل" (Kittel) نظريات عن تحليل "أخبار الأيام" إلى وثائق مختلفة، مثل كتاب قديم جداً لا يميز بين الكهنة واللاويين، أو كتاب قديم عالج الأسفار المقدسة معالجة متحررة، وذلك إلى ما وضعه كاتب سفري الأخبار.
وكل ما نعرفه عن هذا الموضوع هو أن هناك ثلاثة مجموعات من الكتبة اشتركوا في إخراج سفري "أخبار الأيام"، هم:
أولاً :- كتبة الأسفار الكتابية القانونية وبخاصة أسفار صموئيل والملوك.
ثانياً :- كتبة المصادر غير الكتابية والتي ذكرها كاتب سفري الأخبار.
ثالثاً :- المؤرخ أو مجموعة المؤرخين الذين جمعوا - بطريقة مباشرة أو غير مباشرة - محتويات هذه المصادر وسجلاتها في سفري أخبار الأيام.
وليست ثمة وسيلة لمعرفة ماهية معظم العمليات الوسيطة. ومن العبث أن نحاول التخمين، ولا مبرر للقول بأن ذكر المصادر في سفري "أخبار الأيام" لم يكن عن حسن قصد. ومن المحتمل أنه كانت هناك من نوع"الِمدْرس" بين المراجع التي استعان بها مؤرخ سفري أخبار الأيام. الا أنه من المستبعد تماماً أن يكون أحد المصادر المذكورة غير أصيل أو غير قديم. وتجمع كل الاحتمالات على أن العائدين من السبي وأبناءهم قد درسوا تاريخهم القديم وجمعوا المواد الوافية بهذا الغرض. فظواهر هذا السفر - كما سبق أن ذكرنا - تشير إلى وجود دافع تاريخي للاهتمام بالدلائل الأصيلة من الماضي البعيد.
مصداقية وتاريخية أخبار الأيام
"يعد أخبار الأيام كتاباً ذا قيمة تاريخية قليلة" أو "هو صورة شائهة للدفاع عن النظم المتأخرة لليهودية بعد السبي" أو "بعض حقائق قديمة تسللت من خلال التقليد الشفهي أو المكتوب.. وهي قليل من كثير إذا ما قورن بما يمكن أن يجود به الخيال.. ولابد أن تغربل كغربلة القمح من كمية كبيرة من التبن"
هذه بعض مقتطفات عشوائية من كتاب واسع الانتشار، وهي تمثل الرأي الذي يتبناه الكثيرون ممن يعتبرون سفر "أخبار الأيام"كتاباً ملفقاً لصالح جماعة دينية، وقد زيِّف فيه التاريخ عن عمد.
ومن الدوافع الرئيسية لهذا الرأي، هو استبعاد شهادة سفري أخبار الأيام في مواجهة بعض نظريات النقد، لأن الشهادة المذكورة حافلة وبها من التفاصيل أكثر مما في أسفار صموئيل والملوك والأنبياء. إلا أنه بالنسبة للموضوع ككل، فإن شهادة سفري أخبار الأيام تتفق مع شهادة سائر الأسفار، كما أن ما جاء بالأسفار الأخرى يدعم ما جاء بسفري الأخبار، وغرس بذار الشك في "أخبار الأيام" هو جزء من نظرية تنكر ـ في الواقع ـ المصداقية التاريخية لكل أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد على حد سواء.
(أ) أدلة مزعومة على عدم مصداقية "أخبار الأيام": لقد زعم البعض أن ما جاء "بأخبار الأيام" يتعارض ـ في بعض الأحيان ـ مع الأسفار الأقدم عهداً منه. إلا أن كل ما طرحوه من أمثلة له حلّه بطريقة مرضية. فلأرقام الكبيرة في "أخبار الأيام" ـ على سبيل المثال ـ عن عدد جيوش داود وأبيا ويربعام وآسا وزارح ويهوشافاط وأمصيا وعزيا، يرونها من المبالغة بحيث لا يمكن تصديقها، إلا أن معظم الصعوبات الخاصة بمثل تلك الأرقام ـ سواء في أخبار الأيام أو الخروج أو العدد أو القضاة أو صموئيل ـ تتلاشى إذا عرفنا أنها أعداد تقريبية، لأنها تحسب بالآلاف أو بالمئات (أو بالخمسينات أو بالعشرات في حالات قليلة جداً )، وما كان لها أن تكون بهذه الصورة لو أنها كانت لمجرد بيان العدد وليس لهدف آخر.
ويزعمون أن كاتب الأخبار يصور أمجاد الماضي بأضخم من تقدير الأسفار السابقة له، ولكن هذه ليست هي الحال على الدوام. وعلى أساس هذه المزاعم يوجهون لكاتب "أخبار الأيام" مطاعن مبالغ فيها،تتعارض والحقيقة المجردة . يقولون إن كاتب "أخبار الأيام" كانت تعوزه مصادر صحيحة موثوق بها. بيد أن هذا اتهام ينقصه الدليل، ولا يمكن أن يؤخذ على علاته، وقد رأينا أنه أمر مستحيل. كما أنهم يزعمون أن النص في حالة سيئة، فلا يمكن الاعتداد به، وهو إدعاء يمكن دحضه بزعمهم المضاد بأن سفري أخبار الأيام لم يتعرضا للنسخ كثيراً كما حدث مع سفري الملوك، فالنص في الفقرات المنقولة، أفضل مما هو في سفري الملوك.
وقصارى القول، إن ما سيق من مبررات لمهاجمة تاريخية"أخبار الأيام"، تتضاءل عند الفحص الدقيق، مع بقاء بعض المشاكل التي لا يمكن دحضها بهذه السهولة .
(ب) المصداقية في مختلف أجزاء السفر :هناك أجزاء في سفري"أخبار الأيام" لها مشاكلها الخاصة بها من الناحية التاريخية، ولنأخذ ـ على سبيل المثال ـ سلاسل الأنساب، فلو أن أحداً قد زورها أو زيفها، لما صاغها في الشكل الحالي لها كقطع مبتورة أو جذاذات، حيث لا تكون قصة مكتملة، وليس فيها نفع مباشر لأحد. ومن ناحية أخرى فإنه من المعقول تبرير وضعها الحالي بافتراض أن الكاتب قد استخدم تلك المواد بالحالة التي وجدها عليها. وهذا الافتراض لا يحط من قيمة الوحي للكاتب، فقد رأى الـله من المناسب أن يتضمن الكتاب المقدس هذه الأمور، ولذلك قاد رجالاً من أجيال مختلفة، بعنايته الإلهية وإلهام الروح المقدس لتحقيق هذه الغاية. وليس ثمة من يعتقد أن الرجل الذي وضع ـ بإرشاد روح اللـه ـ سلاسل الأنساب في صيغتها النهائية الحالية قد تسلمها كإعلانات معجزية، ولكنه حصل عليها كنتاج لمجهودات بذلت في البحث والدراسة، منه وممن سبقوه من الباحثين. فإذا راعى الفطنة والأمانة في اختيار مواده وتسجيلها، فإنه يكون جديراً بالثقة.
ويصدق هذا أيضاً على الإحصاءات و الأحداث الكثيرة المرتبطة بالأنساب وغيرها من الأمور. أما الادعاء بأنها من ابتداع كاتب "أخبار الأيام"، فلا يتفق مع الخبرة الإنسانية، إذ أنها مختصرة ومجزأة ولا تكون قصة في حد ذاتها، ولا يمكن تقديم سبب معقول يبرر اختراعها، علاوة على أنها تحمل في ذاتها سمات الأصالة والقدم. ويمكن تبرير هذه الأمور تبريراً معقولاً باعتبارها حقيقة أكثر من اعتبارها ابتداعاً، فالكثير منها ـ قبل كل شيء وبعد كل شيء ـ قد ثبتت صحته نتيجة الاكتشافات الأثرية، ومنها على سبيل المثال، قصة سبي منسي إلى بابل على يد قائد جيش ملك أشور، او موضوع عظمة عزيا العسكرية ( 2 أخ 33: 11، 26: 6ـ11)، والإشارة إلى الصناعات ( 1أخ 4: 14ـ 23).
وهناك قصص أخرى كتلك الخاصة بإصعاد تابوت العهد، وتنصيب سليمان ملكاً للمرة الأولى ، والإصلاحات التي قام بها كل من آسا ويهوشافاط وحزقيا ويوشيا، فهي قصص دقيقة ليس فيها شيء من شطحات الخيال. وإذا كان أحد قد اخذ في شباك النقد الحديث الذي يرجع بتاريخ سفر التثنية إلى أيام يوشيا، وبالقوانين الكهنوتية إلى ما بعد السبي، فلا بد أنه يعتبر هذه الأجزاء من سفري الأخبار تاريخاً مزيفاً، أما إذا كان قد نجا من تلك الشباك، فلن يجد مبرراً يدعوه إلى مثل هذا الاعتقاد.
[1] - أغناطيوس الأنبا بيشوى، القطمارس. الإصدار الثالث. مقدمة سفر أخبار الأيام.
[2] - يرد ذكر مكتبة نحميا فى أحد كتب مجموعة الأبوكريفا- الأسفار الغير مُعْتَرَف بها- وهو مكابين الثاني 13:2-15.
[3] - دائرة المعارف الكتابية. مقدمة سفرى أخبار الأيام.
[4]- دائرة المعارف الكتابية. دار الثقافة المسيحية
[5] - دائرة المعارف الكتابية . دار الثقافة المسيحية.
[6] - لا يليق افتراض التخمين لدى المترجمين أو النساخ الذين تذكر عنهم جميع المصادر التاريخية مدى الأمانة والدقة فى النسخ أو الترجمة.
|
|
|
![]() |